طب الروائح أو العلاج العطري (بالإنجليزية: Aromatherapy) هو علم يعتمد على استخدام المواد النباتية وزيوت النباتات العطرية، وغيرها من المكونات العطرية من أجل تحسين مزاج الشخص، والعافية الطبيعية والفسيولوجية الإدراكية
المختصون بالمواد العطرية، الذين هم متخصصون في ممارسة وتطبيق العلاج بالمواد العطرية يستخدمون مزيج من الزيوت العلاجية الضرورية، التي ممكن أن توضع على الجلد (الاستخدام الموضعي). وكذلك الزيوت المستخدمة للتدليك، أو الاستنشاق، أو الغمر بالماء، للتحفيز وللحصول على الاستجابة المرغوب بها. بعض الزيوت الضرورية مثل شجرة الشاي أظهرت تأثير مضاد للمكروبات
تاريخ التداوي بالزيوت العطرية
لأكثر من 5000 عام اعتمدت الحضارات القديمة في جميع أنحاء العالم على العلاجات الطبيعية التي تعتمد في تصنيعها على النباتات والزهور والأعشاب التي أثبتت فعاليتها في تخفيف بعض الآلام والالتهابات وتقليل الإجهاد والتغلب على أعراض الاكتئاب وتحسين نوعية النوم والتخلص من المزاج السلبي، إذ يوجد أكثر من 90 نوعًا من هذه الزيوت العطرية التي تنتشر منتجاتها في المتاجر والمنتجعات الصحية وإستديوهات اليوغا.
علمًا أن استخدام هذه الزيوت لم يعد مقتصرًا على الممارسات الطبية فقط، إذ نجد مثلًا زيت زهرة اللافندر أو النعناع أو جوز الهند واللوز موجودة في معجون الأسنان ومنظفات الغسيل والشموع، التي من شأنها مساعدتنا على الاسترخاء أو الانتعاش، بحسب المادة المستخدمة.
وتاريخ اكتشاف الزيوت العطرية تاريخ طويل وحافل بالحقائق والمعلومات التاريخية فهو يعود إلى عام 4500 قبل الميلاد عندما استخدمها القدماء المصريون في البداية لأغراض الطهي والعناية بالجمال والاسترخاء البدني والروحي، في المقابل، يقول باحثون آخرون إن استخدام الزيوت العطرية حدث بين عامي 2000 و3 آلاف قبل الميلاد وكانت تنتشر في الهند والصين في نفس الوقت الذي عثر عليها في مصر.
جدير بالذكر أن هناك اعتقادات أخرى ترى أن أصل الزيوت يعود إلى ما قبل التاريخ حين استخدمها الناس قديمًا للرسم على جدران الكهوف.
وبشكل عام، يتفق المؤرخون أن أصل الزيوت العطرية هي مصر القديمة التي استخدمتها لعلاج الأمراض وتحنيط مومياواتهم وصنع مستحضرات التجميل والصبغات والمراهم والكحل، لا سيما تلك الأدوات التي استعانت بها الملكة كليوباترا وباتت تُعرف منذ ذاك الحين بهوسها في استخدام زيت الورد وأملاح البحر الميت، إذ قيل إنها لم تكن تنهض من فراشها دون أن تتعطر وتعطر سريرها بماء الورد، وهي عادة انتشرت في جميع العائلات المالكة آنذاك.
فلقد كانت العائلات الحاكمة والكهنة معروفين بكثرة استخدامهم لهذه العطور والعلاجات، وذلك ما تبينه الصور البدائية على جدران المعابد المصرية التي لا توضح فقط طريقة استخراجهم لزيوت وإنما تذكر الملوك التي استخدموها أيضًا، ففي عام 1922 تم العثور في قبر الملك توت عنخ آمون على أكثر من 50 حاوية خاصة بحفظ الزيوت، كما وجد طاقم التنقيب مرهمًا معطرًا وهي من الأدوات الفاخرة والثمينة في ذاك العصر.
تؤكد البرديات الفرعونية والآثار التاريخية والموميات، أن المصريين القدماء كانوا أول من استعمل العطور وعرف قيمتها وتأثيرها على المرء من نشاط وحيوية وقدرة على العمل والابتكار، فلقد أعجبوا بها وفتنتهم روائحها المختلفة، حتى أصبحت من تقاليد الحياة الفرعونية ومن الأشياء المعتاد استعمالها كل يوم في الموروث المصري القديم، وأضحت تقليدا عاديا في زيارتهم وحفلاتهم وأعيادهم.
ففي بعض أوراق البردي التي يعود تاريخها إلى حوالي ألفي عام قبل الميلاد، توجد كتابات تثبت أن الحضارة الفرعونية القديمة كانت تستخدم الدهون العطرية، على شكل أقماع صغيرة تنبعث منها روائح عطرة تفوح في البيوت والشوارع.
وفي عام (1928) اكتشف أحد علماء الآثار في أحد المقابر الفرعونية، آنية فخارية تحتوي زيوتا عطرية يعود تاريخها إلى (3557) عاما. وقد كانت الملكة كليوبترا من أكثر المغرمين باستخدام العطور والزيوت العطرية في تعطير القصور والملابس ومياه الاستحمام وعربة الركوب وكل مكان تذهب إليه، وبعدها انتقلت الزيوت العطرية إلى بقية الحضارات.
وقد استخدامت الزيوت العطرية للأسباب العلاجية، والروحانية، والصحية، والشعائرية وذلك يعود لعدد من الحضارات القديمة متضمنة، حضارة الصينيون إذ كان لديهم ارتباط قوي ودقيق بالزيوت العطرية ويتبين ذلك من خلال الوثائق التاريخية الصينية التي تسرد الفوائد الطبية لأكثر من 300 نوع من النباتات المميزة التي كُتبت بواسطة الملك شين نونغ، في عام 2500 قبل الميلاد، بالجانب إلى الإمبراطور هوانغ تي الذي ألف كتابًا عن الأدوية العطرية وفوائدها.
و أما الهنود فقد تحولت الزيوت العطرية إلى جزء أساسي من نظام الرعاية الصحية الهندي، الأيورفيدا، وهو من أقدم وسائل العلاج الطبيعية التي تجمع بين الأفكار الطبية العميقة والفلسفية لتحقيق التوازن بين الجسد والعقل والروح من خلال استخدام مجموعة من الأدوية العشبية والزيوت الخاصة في أثناء حمامات البخار وجلسات التدليك.
وأما اليونانيون فيعتقد أنهم اقتبسوا هذا الأمر من عادات المصريين القدامى عندما زار هيرودوت مصر خلال القرن الرابع قبل الميلاد وأخذ أطباء وفلاسفة اليونان بدراسة هذه النباتات وتأثيرها وروائحها، ومن إحدى استنتاجاتهم ما حدده الطبيب الشهير ماريستوس، الذي قال إن النباتات ذات الروائح الحلوة لها خصائص مهدئة وللورود خصائص التحفيز والتنشيط، وأيد الحمامات المعطرة.
الأهم من ذلك الكتاب الذي ألفه طبيب يوناني وهو كتاب مؤلف من 5 مجلدات يتضمن أكثر من 600 علاج طبيعي معتمد على الأدوية العشبية والزيتية التي استخدامها منذ 1500 عام.
ثم انتشرت عند الرومان، الذين استخدموها في مستحضرات التجميل والعطور والأدوية وقد وصفت الزيوت في وصفات الطبيب اليوناني ديسقوريدس فقد تأثر الرومان بمعرفة الإغريق بهذه العناصر الثمينة واقتنعوا بأنها مفتاح أساسي في تعزيز الصحة الجسدية والنفسية والمثير للاهتمام أنهم بالغوا في استخدامها إلى أقصى الحدود، إذ إنهم لم يغمسوا أجسادهم كاملة فيها، بل كانوا ينضمون إلى جلسات تدليك متكررة في ذات اليوم وكان جنودهم يحملون أكياسًا صغيرة مملوءة ببذور النباتات ذات الروائح الحلوة في أثناء الحملات العسكرية
ثم توسع استخدام الزيوت و تم توظيفها كأدوية على أيدي العرب منذ اختراع التقطير عندما قام ابن سينا بفصل الزيوت المنقاة باستخدام التقطير بالبخار. فالعرب هم أول من اخترعوا عملية التقطير حيث قاموا باستخراج الزيوت العطرية من النباتات بطريقة التقطير وتم اكتشاف هذه الطريقة عام 1000 ميلادي
لكن مبدأ العلاج العطري كمدرسة طبية مستقلة طرح للمرة الأولى عبر عدد صغير من العلماء والدكاترة الأوروبيون عام 1907. في 1937 و ظهرت لأول مرة كلمة Aromatherapy أي طب الروائح في طباعة أحد الكتب الفرنسية المتعلقة بهذا الموضوع : Aromathérapie: Les HuilesEssentielles, Hormones Végétales
ثم كتاب (الزيوت الأساسية والهرمونات النباتية للكيميائي رينيمايروس جاتلوفيس. نسخه إنجليزية نشرت René-Maurice Gattefossé في عام 1993. عام 1910 للعالم جاتلوفيس بعدما إدعى أنه حرق يده بشكل سيء جدا وبعدها أدعى أنه عالجها بفعالية بزيت اللافندر
أما جين فالنيت، الجراح الفرنسي،فقد ابتكر تركيبة دوائية باستخدام الزيوت الأساسية، الذي استخدمها في علاج الجنود الجرحى في الحرب العالمية الثانية